النازحون إلى عدن... تشرّد وفقر وأولاد بلا تعليم

تقارير وحوارات
قبل 3 سنوات I الأخبار I تقارير وحوارات

تعاني الأسر اليمنية النازحة من المحافظات التي اندلعت فيها المواجهات المسلحة بين القوات التابعة للحكومة الشرعية والميليشيات الحوثية التي انقلبت على الحكم في اليمن، من أوضاع صعبة داخل المخيمات الواقعة على أطراف العاصمة الموقتة عدن.

 

مخيم النازحين الكائن شمال مدينة عدن كان وجهة مراسل "النهار العربي"، حيث تقطن عشرات الأسر النازحة التي تئن تحت أعباء هائلة ومآسٍ كثيرة وتطبع وجوه قاطنيها المعاناة التي لا تستطيع أن تخفيها ملامح الطفل سواح الهدري والذي قال لـ"النهار العربي": "كنا في منازلنا آمنين نلعب في حارتنا مع الجيران، ولا نكترث للحياة بشيء سوى يوم يمضي ويوم يأتي".

 

بحرقة شديدة يقول سواح: "نحن الآن في هذا المخيم نعاني الأمرّين، مرارة النزوح وترك منازلنا والتشرد، ومرارة أخرى هي أنني أصبحت أتحمل أعباء إعالة أسرتي التي تتكون من أربع بنات وأم بعد وفاة والدي إثر مرض ألمّ به هنا في هذا المخيم".

 

ويضيف سواح: "إنني أعيل أسرتي من عمل خاص أقوم به، أمسح زجاج السيارات وأغسلها في مواقف الفنادق القريبة من هذا المخيم لكي أوفر متطلبات الأسرة التي لا تتوفر في المخيم".

 

نازحو اليمن الهاربون من جحيم الحرب في مناطق الصراع وصلوا إلى العاصمة الموقتة عدن بعد تحمل عناء السفر ومشقة التنقل، يعانون توفير القوت الضروري في مخيمات تفتقر لأبسط مقومات الحياة ولا تقيهم حرارة الشمس وبرد الشتاء.

 

 

استقبلت عدن أكثر من 12 ألف أسرة نازحة منذ اندلاع المواجهات المسلحة بين الميليشيات الحوثية والقوات التابعة للحكومة الشرعية المدعومة من التحالف العربي.

 

"تعرض منزلنا الكائن جنوب مدينة تعز لقصف واضطرنا للهروب والنجأة بأولادنا أنا وزوجي"، هذا ما قالته أم محمد ذات الـ40 عاماً عندما التقاها مراسل "النهار العربي". وتضيف أم محمد، "أننا صبرنا على الحرب ما يقارب عام كامل... قصف متبادل واشتباكات في منطقتنا. فضّلنا البقاء أولاً لكي لا نكون نازحين خارج بلادنا، لكن بعد تعرض منزلنا لقذيفة صاروخية أصبحنا بلا مأوى اضطررنا إلى النزوح والتشرد خلال رحلة طويلة وطريق شاقة حتى وصلنا الى عدن". وتتابع: "نحلم بالعودة إلى ديارنا ونصبر على حلوها ومرها بدل التشرد والبقاء في هذا المخيم الذي لا يقينا حرارة الشمس الملتهبة في الصيف ولا برد الشتاء".

 

مدير الوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين في عدن عبده مهذب قال الى "النهار العربي" إن "عدن استقبلت أكثر من 12 ألف أسرة نازحة توزعت بين مخيمات خاصة في أطراف المدينة ومنازل داخل المدينة وسكن أقاربهم". وأضاف أن "الأطفال أكثر فئات النزوح تضرراً حيث أن أغلبهم حرموا من حقهم في التعليم والعيش الكريم بسبب هذه المخيمات التي لا تستطيع أن توفر لهم المدارس او أماكن الترفيه". وتابع أن "الأولاد يمثلون 60 في المئة من أعداد النازحين في عدن وهم الفئة الوحيدة التي تحتاج إلى الرعاية لإخراجهم من كوابيس الحرب التي عاشوها، فالطفل اذا لم يتأهل الآن يمكن أن يكون أداة جريمة مستقبلاً بسبب هذا الإهمال".

 

أكثر ما يعاني منه النازحون هو أن الأولاد لا يستطيعون مواصلة تعليمهم بسبب بُعد هذه المخيمات من مدارس المدينة أو فقدان الطلاب لوثائقهم. ففي مخيم النازحين الواقع في منطقة بئر فضل الذي تقطنه عشرات الأسر وأكثر من 100 طفل لم يتمكن سوى ثلاثة أولاد من مواصلة تعليمهم في مدارس المدينة.

 

"لم يرحموا هذه الشيبة على رأسي ولحيتي يا بني، ففي إحدى النقاط العسكرية على مداخل عدن حيث وصلت بعد يومين سفر وتنقل، تعرضت للتهكم والإهانة" هكذا قال العم صالح ذو السبعين عاماً لمراسل "النهار العربي" حين التقاه. ويسرد قصته قائلاً: "بدأت رحلتي من أطراف مدينة تعز بعد اشتداد المعارك في المدينة ووصول الاشتباكات الى قرب منازلنا... هربت من جحيم الحرب وسافرت لمدة يومين حتى وصلت الى عدن.

 

وتشرف الحرب اليمنية التي اندلعت بين القوات الشرعية المدعومة بقوات التحالف العربي والميليشيات الحوثية التي انقلبت على الرئيس عبد ربه منصور هادي على عامها السابع من دون أي بوادر حلول وإنهاء الأزمة الإنسانية الأكبر حيث أن 80 في المئة من اليمنيين تحت خط الفقر بحسب تقارير المنظمات الدولية.