تكثيف عمليات "القاعدة" في أبين... خبيران يشرحان الأسباب وآليات المواجهة

تقارير وحوارات
قبل 8 أشهر I الأخبار I تقارير وحوارات

رفع تنظيم "القاعدة" في اليمن (أنصار الشريعة) وتيرة الهجمات الإرهابية ضد القوات الجنوبية المشاركة في تأمين مناطق محافظة أبين. وتركز محور الهجمات على القوات المرابطة في مديرية مودية ووادي عومران الذي ظل لسنوات معقلاً رئيسياً للتنظيم في أبين، قبل أن تطهره القوات الجنوبية في عملية "سهام الشرق" التي انطلقت في آب (أغسطس) 2022.

 

اغتيال قائد "الحزام الأمني" في أبين

والخميس اغتيل قائد قوات "الحزام الأمني" المؤيدة لانفصال الجنوب اليمني في أبين عبد اللطيف السيد الذي كان يتفقّد أحد المواقع في منطقة مشتعلة وتشهد مواجهات يومية بين قواته وعناصر "القاعدة". وقضى معه ثلاثة من مرافقيه في تفجير عبوة ناسفة استهدفتهم شرق مديرية مودية في المحافظة. وأكد رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي عيدروس الزُبيدي في بيان مقتل "القائد البطل عبداللطيف محمد حسين بافقيه (السيّد)، قائد قوات الحزام الأمني في محافظة أبين، وعدد من مرافقيه، الذين طالتهم أيادي الغدر والإرهاب".

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

ومعروف عن السيّد أنه واحد من أبرز القيادات الأمنية التي تصدّت لـ"القاعدة" في جنوب اليمن، وسبق أن نجا من محاولات اغتيال عدة نفّذها انتحاريون من التنظيم.

 

عمليات مكثّفة لـ"القاعدة"

وشن التنظيم منذ مطلع هذا العام أكثر من 40 عملية إرهابية، استهدفت تحركات وآليات عسكرية تابعة للقوات المشاركة في عمليات "سهام الشرق" في مناطق أبين وأطراف محافظة شبوة، بعبوات ناسفة مصنوعة محلياً أو طائرات مسيرة. وتسببت الهجمات بمقتل وإصابة أكثر من 100 فرد من القوات الجنوبية، بينهم ضباط وقيادات ميدانية.

 

وأكد مصدر عسكري لـ"النهار العربي" أن تلك الجماعات لم تستطع مواجهة القوات الجنوبية التي استطاعت خلال فترة وجيزة السيطرة على أبرز معاقل التنظيمات التي اتخذتها معاقلَ لها منذ عشرات السنين، فلجأت إلى العبوات المتفجرة.

 

وكانت القوات المسلحة الجنوبية المشاركة في عملية "سهام الشرق" قد أعلنت في أيار (مايو) استكمال تطهير جبال وادي الخيالة في مديرية المحفد في محافظة أبين من التنظيمات الإرهابية.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

وسابقاً ذكرت وسائل إعلام محلية أن قائد اللواء الأول دعم وإسناد العميد نصر عاطف اليافعي أعلن أن القوات الجنوبية أحكمت سيطرتها على الوادي، عقب معارك شرسة مع عناصر التنظيم، أسفرت عن مصرع عدد من عناصره والعثور على كميات كبيرة من العبوات الناسفة والمتفجرات ومخرطة كانوا يستخدمونها في تطويع الحديد واستخدامه في صناعة العبوات الناسفة.

 

 

أي ظروف ساعدت التنظيم؟ الباحث والمحلل العسكري العميد الركن ثابت حسين صالح يقول إن تنظيم "القاعدة" ينشط في الجنوب "منذ اندماج فرعيه في كل من السعودية واليمن في بدايات عام 2009، بعد تشديد السلطات السعودية ملاحقة عناصر التنظيم داخل الأراضي السعودية، مما دفع بهم إلى الأراضي اليمنية، مستفيدين من الوضع الأمني المتدهور في البلد وحالة حرب الحوثيين في الشمال ورغبة نظام علي عبدالله صالح حينها في تسليط هذا التنظيم ضد الحراك الجنوبي والقيادات الجنوبية". ويضيف في حديث لـ"النهار العربي": "لم تتوقف من حينها عمليات استهداف القيادات الجنوبية على يد عناصر القاعدة. صحيح أن التنظيم كثف من عملياته أكثر بعد الإطاحة بالرئيس صالح الذي تهاونت أجهزة أمنه - بل تعاونت - في تسليم محافظة أبين للقاعدة عام 2011، وكذلك فعلت أجهزته التي انضمت إلى الحوثيين في تسليم ساحل حضرموت للقاعدة عام 2015، مع ذلك استمرت عمليات التنظيم خلال الأعوام اللاحقة في استهداف القيادات والمصالح الجنوبية في تخادم جلي مع نشاط الحوثيين وحزب الإصلاح ووفقاً لتناسق دقيق معهما".

 

دور الأجهزة الرسمية وعن دور القوات الجنوبية والمجلس الانتقالي في مواجهة تكثيف التنظيم عملياته على مدى الأعوام الأخيرة، يلفت العميد صالح إلى أنهما "حقّقا نجاحات ملموسة وغير مسبوقة في ضرب أوكار الإرهاب في كل محافظات الجنوب. لكن الحرب ضد هذه الجماعات تختلف عن الحرب في مواجهة جيوش أو جماعات نظامية ولها متطلباتها الخاصة".

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 وعمّا هو مطلوب من إجراءات وإصلاحات لتعزيز فاعلية الأجهزة الاستخبارية والأمنية، يرى أن "الإصلاحات مطلوبة فعلاً، لكن المطلوب كذلك دعم التحالف والولايات المتحدة وكل القوى المعنية بمكافحة الارهاب للقوات الجنوبية بكل الوسائل والتدريب والتقنيات والمعلومات، ومن جهة أخرى فإن الحرب على الإرهاب مهمة مجتمعية وثقافية أيضاً وليست فقط حرباً عسكرية أو ملاحقات أمنية".

 

تخادم "القاعدة" والحوثيين

ويرى العميد الركن عباس صالح مقبل أن "القاعدة" يحاول مجدداً السيطرة على منطقة أو محافظة أبين بالتحديد بعد هزيمته في الصراع مع القوات الحكومية في عامي 2011 و2012". ويذكّر في حديث لـ"النهار العربي" بـ"إخفاقات التنظيم كذلك أثناء حرب 2015 بعد سيطرة القوات الحكومية على معظم المناطق والمواقع التي كان يسيطر عليها ويحكمها مثل جعار وغيرها، حيث تم دحر عناصره إلى وادي عومران وبعض المناطق والمواقع الجبلية ذات التضاريس الصعبة". ويرى العميد مقبل أن تصاعد هجمات "القاعدة" ضد القوات المسلحة الجنوبية رغم الحملات القوية ضده "يشير إلى أن ثمة عوامل دعم خارجي وداخلي وراء هذا النشاط، والحوثيون جزء من ذلك لأنهم يدعمون تنامي التنظيم ونشاطها في الجنوب لاتخاذه مبرراً لتنفيذ هجمات على الجنوب، أو إعلان حرب ضده ليضمنوا بقاء شمال اليمن تحت سيطرتهم". ويضيف: "لكن الأمر هنا لا يتعلق بجماعة الحوثيين بل بإيران التي تعرف كيف تديرهم وتدير تنظيم القاعدة معاً. وثمة كذلك سبب رئيسي لتكثيف الهجمات، وهو التخادم بين القاعدة والإخوان، إذ تم تقديم دعم مالي كبير للتنظيم من الجماعة وبيوتات تجارية يمنية كبيرة لغرض السيطرة على البوابة الشرقية في محافظة عدن، تمهيداً للسيطرة على آبار النفط في شبوة وحضرموت حيث اشتدت هجمات التنظيم بعد هذا الدعم، وتم تعزيز عناصره بمقاتلين نوعيين وتوزيعهم على أهم نقاط تحركات القوات الأمنية وقوات سهام الشرق في العديد من مناطق محافظة أبين".

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

تأثير "سهام الشرق" لكن إلى أي مدى طورت القوات الأمنية والعسكرية تكتيكاتها وخططها في مواجهة التنظيم؟ يجيب العميد مقبل: "يمكن القول إن عملية سهام الشرق التي بدأت في آب (أغسطس) 2022 ساهمت في شكل كبير وغير مسبوق في الحد من تنامي قوة التنظيم وطرده من أهم معاقله، وأوصلته إلى وضع سيئ عندما وصلت العمليات العسكرية إلى معاقلة الحصينة في وادي وجبال عومران في أبين". ويرى أن ذلك "يدل على أن القوات المسلحة الجنوبية والأجهزة الأمنية في المحافظة على اتفاق تام وتخطيط مشترك لتنفيذ العمليات العسكرية ضد تنظيم القاعدة المتخادم مع الحوثيين في معظم المواقع التي يسيطر عليها، حيث حققت القوات الجنوبية العسكرية والأمنية نجاحات كبيرة جداً حتى هذه اللحظة كونها طورت وغيرت من تكتيكاتها وخططها وأسلحتها النوعية التي تتناسب مع ظروف المعركة وبيعة تسليح العدو". ثمة من يتحدث عن ضعف استخباري يؤدي إلى خروق أمني كثيرة كالتي حدثت في الآونة الأخيرة وطاولت قيادات أمنية بارزة، إلى أي مدى هذا الكلام دقيق؟ يقول العميد مقبل: "تعبير ضعف استخباري أمني غير دقيق، بل يوجد سوء تنظيم للعمل الاستخباري والأمني وتداخلات فيه نتيجة لضعف الدعم المالي واللوجستي لتسييره، كذلك قلة الكادر المؤهل في هذا المجال وخصوصاً في محافظة أبين، مع وجود حاضنة للتنظيم بسبب سيطرته الطويلة وإمساكه بزمام الأمور في هذه المناطق". وعن الإصلاحات الأمنية المطلوبة، يقول: "بالتأكيد يتطلب الأمر إصلاحات أمنية حقيقية أولها توفير الكادر الاستخباري والأمني وتأهيله وتدريبه، وكذلك الدعم المالي واللوجستي لتنفيذ المهمات على أكمل وجه". ويلفت كذلك إلى أهمية "الانسجام التام بين القيادات العسكرية والأمنية لتنفيذ العمليات والمهمات على أكمل وجه، وكذلك يفضل استقطاب رجال الاستخبارات والأمن من منطقة الحوادث نفسها كونهم هم من يعرف بتضاريس المنطقة الجغرافية وتركيبتها السكانية".