اليمنيون يدفعون الثمن ..

"لعنة النفط الأخيرة: كيف أصبح الريال السعودي 'قديساً' في سوق اليمن الأسود وهل تمول "الرياض" الإنهيار ؟

محليات
قبل 11 ساعة I الأخبار I محليات

* مشروع التجهيل.. الشباب يُجندون بألف ريال سعودي بينما راتب المعلم أقل من مائة ريال"

* خيار وحيد: إصلاح جذري.. أو انهيار كامل

* 3,000 مسؤول وموظف حكومي  يتقاضون رواتبهم بالدولار وبالريال السعودي

* الملايين من الموظفين والعامة يعيشون على أقل من 100 ريال سعودي شهرياً

 

في مشهدٍ ينذر بكارثة إنسانية غير مسبوقة، تشهد مناطق سيطرة الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً انهياراً شاملاً للعملة المحلية، حيث تحول الريال اليمني إلى مجرد "ورقة بلا قيمة" في مواجهة سيطرة الريال السعودي على السوق السوداء، وتحولت رواتب اليمنيين إلى "نكتة سوداء".. راتبٌ كان يكفي ليعيش موظف حكومي بكرامة قبل بضعة سنوات (1500 ريال سعودي) أصبح اليوم لا يساوي ثمن وجبة إفطار (أقل من 100 ريال سعودي)! بينما تسخر السعودية المليارات لتمويل الفصائل المسلحة في مناطق الحكومة وتقدم مساعدات بمليارات الدولارات لليمن لم تترك أثراً على الأرض، فيما يقف الشعب اليمني عارياً أمام موت بطيء جراء الانهيار الاقتصادي وتفشي المجاعة ،  هذا التقرير يكشف بالأرقام والوثائق كيف تحولت "الشرعية" إلى واجهة عاجزة، بينما تُدار الأزمة بآليات تُفاقم معاناة اليمنيين خدمة لأجندات خارجية.

 

تواصل العملة اليمنية المحلية الانهيار اليومي امام العملات الأجنبية ، ووصل سعر صرف الريال اليمني مقابل الريال السعودي في السوق السوداء  758 ريالا مساء امس الاربعاء ، وامام الدولار 2861 ريالا وانعكس ذلك على شتى مجالات الحياة في ظل توقف رواتب اغلب موظفي القطاع الحكومي وهزالة تلك الرواتب التي كانت قبل اعوام تساوي في متوسطها لموظف حكومي 1500 سعودي اصبحت اليوم اقل من مائة ريال سعودي.

 

وارتفعت اسعار المواد الغذائية بشكل جنوني في عدن وفي مناطق الحكومة الشرعية ، حيث وصل سعر كيس الدقيق 48 كيلوا إلى 65,000 ريالا، وسجل كيس السكر 105,000 ريال، فيما بلغ سعر كيس الأرز (40 كجم) 95,000 ريال، فيما بلغت قيمة "دبة" الزيت (20 لترًا) 80,000 ريالا، ووصل سعر "علبة" حليب دانو الى  53000 رياال، وعلبة النيدو 73000 ريال، وشملت الارتفاعات كل السلع دون استثناء، فيما يعتمد تجار الجملة والتجزئة الريال السعودية عملة البيع والشراء، وحتى ايجارات المنازل والمحلات وايجار المواصلات بين المحافظات يتم التعامل بالريال السعودي. 

 

مشروع تجهيل الشعب 

 

الوضع الاقتصادي المتدهور دفع الناس للبحث عن منقذ ، ومطالبة  دول التحالف العربي بوضع حد لهذا الانهيار ، واخضاع الحكومة ومسؤوليها للمحاسبة وتفعيل ادوات الرقابة على البنك المركزي وانشطة الحكومة والمجلس الرئاسي ، تفاقم الانهيار يأتي وسط تساؤلات عن الدور السعودي الاماراتي في اليمن وغياب دعم الدولتين عن اليمن وترك شعبه يواجه الفقر والجوع. 

 

ويوجه أحد المعلمين اليمنيين نداء للأمير محمد بن سلمان ولي العهد السعودي والشيخ محمد بن زايد ولي عهد ابوظبي ، وكل المعنيين بالتوقف عما اسماه  مشروع تجهيل الشعب اليمني، والدفع بالشباب الى الجبهات باغرائهم براتب قدره الف ريال سعودي شهريا ، يعادل باليمني 758 الف ريال، وبحسب "المعلم" فإن هذا التجييش للشباب وتحطيم المعلم اليمني بجعل راتبه اقل من مائة ريال سعودي ، لا يخدم العلم والتعليم في اليمن ، ولا يخدم الاقتصاد والاستقرار بل يسهم في  مزيد من الانهيار والتشظي والانقسام ، ويشجع المتلاعبون بالعملة المحلية على الاستمرار بالمضاربة بها واضعاف الاقتصاد اليمني الذي هو في الاصل منهكا ومدمرا".

واضاف "المعلم" مخاطبا " ابن سلمان" وابن زايد" : "نقول لكم هذه فكرة ماسونية لتحقيق مصالح خاصة لكيانات معادية للاسلام والمسلمين".

وتابع : "انتم و شعوبكم المستهدفون بدرجة اولى وليس الشعب اليمني فقط هذه هي الحقيقة نرجوا منكم اعيدوا الامور إلى نصابها ، فاليمن هو حصنكم المنيع فلا تهدموه بهكذا مشاريع تكرس الجهل والفقر وعسكرة المجتمع وتفخيخه بالاميين والمتسربين من التعليم بحثا عن الالف الريال السعودي".

وختم نداءه بقوله تعالى : "فستذكرون ما أقول لكم  وافوض امري الي الله".

 

سعودة كل شيء الا راتب الموظف 

 

حديث المعلم اليمني الذي لم يكشف عن هويته ، جاء في ظل استمرار الانهيار الاقتصادي وفقدان الريال اليمني قيمته والموظف راتبه، بعد ان اصبح لا يساوي مائة ريال سعودي ، واتجه آلاف الشباب الى الالتحاق بمعسكرات التجنيد السعودية ، بحثا عن الاثراء السريع ، والامان الوظيفي المتمثل في الراتب الذي تدفعه القيادة السعودية  والاماراتية ، لأكثر من مائة فصيل وتشكيل عسكري ، الامر الذي تسبب في تسيد الريال السعودي السوق السوداء، وتم سعودة كل السلع في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية ، واصبح التعامل بالريال السعودي ، رغم ان من يتقاضون رواتبهم بالريال السعودي هم ؛ رئيس المجلس الرئاسي رشاد العليمي واعضاء المجلس الثمانية ورئيس واعضاء الحكومة ولفيف من المسؤولين اليمنيين الذين يقيمون في الخارج ، وعددهم - بحسب مصادر اعلامية - لا يتجاوز ثلاثة آلاف شخص ، ومعهم ممثلو واعضاء السلك الدبلوماسي والملحقيات في الخارج، ونحو مائتي الف مجند ينضوون تحت تشكيلات عسكرية متنوعة التسميات والولاءات، فيما بقية افراد الشعب اليمني و90 بالمائة من الموظفين الحكوميين ، يتقاضون رواتب هزيلة لا تأتِ شهريا ومتوسط قيمتها لايساوي مائة ريال سعودي للفرد الواحد ، وهذا ما رفع مستوى البطالة وعمم الفقر في اليمن وتحديدا في مناطق الحكومة الشرعية ، وسرّع بالانهيار الشامل ، إلى جانب الفساد الذي يغرق حكومة الشرعية ، وتوقف تصدير النفط ، واحجام الكثير من المنظمات الدولية المانحة عن الاستمرار في تقديم الدعم لليمن.

 

"مليارات السعودية.. أين تذهب؟"

 

وكانت منصة المساعدات السعودية ذكرت مطلع يوليو الجاري ان اليمن جاءت في المرتبة الثانية بعد مصر في قائمة الدول الأكثر تلقّيًا للدعم السعودي بإجمالي  103.8 مليارات ريال سعودي (نحو 26 مليار دولار)، ثم باكستان بـ 49.4 مليار ريال، وجاءت سوريا والعراق وفلسطين ضمن المراتب التالية بمبالغ متفاوتة تجاوزت 20 مليار ريال لكل منها.

 

وبالرغم من هذا الدعم المقدم من السعودية لليمن إلا أن الواقع المعيشي في البلاد يثير كثيراً من التساؤلات والشكوك، ويتساءل اليمنيون : أين تذهب كل هذه الأموال؟

 

ولمن تُصرف؟ وما آلية توزيعها؟ ولماذا لا تظهر لها أي نتائج ملموسة على حياة الناس؟. في وقت يعيش فيه أكثر من 73% من سكان اليمن تحت خط الفقر بحسب تقارير أممية ، وتنهار الخدمات، وتفشل الحكومات المتعاقبة في وقف التدهور، يبدو أن المساعدات الضخمة تُستهلك في مسارات غامضة، بلا شفافية أو رقابة. 

 

رواتب منقرضة وأسعار جنونية 

الصحفي عبدالرحمن أنيس إستعرض بعض اسعار السلع الغذائية الاساسية وكيف انها اصبحت توفق راتب الموظف بأضعاف ، ناهيك عن أسعار الدواء، والإيجار، والمواصلات، والقرطاسية، والكسوة،

 

مشيرا إلى أن راتب الموظف الحكومي لا يزال بين 60,000 و70,000 ريال، اي ان دخله الشهري لا يكفي حتى لقيمة كيس دقيق واحد.

 

وتساءل بقوله : " من أين يأكل؟ من أين يدفع ايجار منزل؟ من أين يشتري دواء لطفله؟ من أين يدفع رسوم المدرسة الخاصة بعد أن أُغلِقت المدارس الحكومية؟.

واوضح "انيس" ان العجز هو السائد لدى كل الموظفين وذلك لأن الراتب ما زال يعيش في زمن ما قبل الانهيار ، بينما سعر الصرف يعيش في عالم آخر، لا يعرف الرحمة.

 

واجرى "انيس" مقارنة بين قيمة الدولار والسعودي في عام 2015 وقيمتهما اليوم لافتا الى ان الدولار في عام 2015 ، كان يساوي 215 ريال يمني.

 

وكان الريال السعودي يساوي 57 ريالا يمنيا ، اما اليوم في عام 2025،  فالدولار  2861 ريال يمني، فيما السعودي يساوي 751 ريال يمني.

الهاوية تتسع والجوع يتمدد مؤكدا ان العملة سقطت، والحياة سقطت معها، واصبح التعليم تجارة، والدواء حلما، والخبز معركة، والمصيبة الأكبر؛ أن الانهيار مستمر، والنفط ممنوع تصديره ، فلا وديعة بنكية من الجيران، ولا دعم حقيقي. اذاً الهاوية تتسع، والريال يفقد كل يوم لونه، وقيمته، وماء وجهه بحسب "الصحفي "انيس" وهكذا كل شيء في اليمن صار ثمنه باهظا ، إلا حياة المواطن فهي الأرخص.

 

وقال "انيس" جازما : " الناس جاعوا ، ورب العرش جاعوا، جاعوا، وذُلُّوا، وقُهِروا ، وما زالوا أحياء .. فقط لأنهم لم يُمنَحوا خيارا آخر.

 

انهيار كامل للعملة وتفكك الدولة

 

وحذر معاذ عبدالواحد الصبري - نقيب المحاسبين ورئيس مركز المستشارين اليمنيين  - من انهيار كامل للعملة اليمنية ، وتفكك الدولة ، مالم يكون هناك تحرك فعلي وجاد من كافة الجهات الفاعلة ، مشيرا إلى أن الازمة التي يشهدها الاقتصاد اليمني بأنها أزمة نقدية غير مسبوقة، تتجلى في الفوضى بأسواق الصرف وتجاوز سعر الدولار 2861 ريال يمني في السوق السوداء، بينما يحاول البنك المركزي، في عدن وصنعاء، فرض أسعار رسمية غير واقعية. مشيرا إلى أن هذا الانقسام النقدي يزيد من تعقيد الأزمة الاقتصادية والإنسانية ويدفع بالبلاد نحو الهاوية.

 

واشار الى ان البنك المركزي في عدن يتبع سياسة التعويم، تاركاً السوق لتحديد السعر، ما أدى إلى انهيار قيمة الريال واقترابه من حاجز الثلاثة آلاف ريال  في السوق الموازية، وانتشار المضاربة والفساد، كما يعاني البنك في عدن من غياب الرقابة الفعالة وضعف البنية التحتية المالية. حد قوله   خارطة طريق لإنقاذ العملة.

 

وقال الصبري إن مواجهة هذه الأزمة، بحاجة إلى خارطة طريق شاملة للإصلاح النقدي ، حيث يقترح توحيد العملة المحلية وذلك من خلال الاتي: إلغاء العملة القديمة المتداولة قبل 2016 واستبدالها من خلال فتح حسابات في البنوك  و إيداعها في حساباتهم خلال سقف زمني محدد، أو إيقاف العملة المطبوعة بلا غطاء، خاصة الإصدارات التي طبعت في عدن بعد العام  2016 دون احتياطيات دولارية، واستبدالها من خلال فتح حسابات في البنوك و إيداعها في حساباتهم .

 

أو الغاء فئة العملة أبو( الف ريال) ما قبل وبعد  2016، واستبدالها من خلال فتح حسابات في البنوك و إيداعها في حساباتهم . حتى يتم الزام الجميع من التعاملات عبر البنوك والتوقف عن التعاملات عبر السيولة النقدية وفق خطة الشمول المالي والتحول الرقمي. 

 

وهذا يتطلب - بحسب الصبري - هذا الأمر حملة توعية واسعة النطاق في الجانب المالي وتثقيف مالي للمجتمع والقضاء على الامية المالية التي عند المجتمع وإعادة الثقة في البنوك.

 

ايقاف التعويم والمضاربة 

 

ومن الحلول التي يقترحها الصبري إيقاف تعويم العملة وضبط السوق، لافتا إلى أهمية وجوب إلغاء سياسة التعويم الحالية التي فتحت الباب أمام المضاربة، وتثبيت سعر صرف واقعي، ودعمه بإحتياطيات من التحويلات الخارجية. 

 

 

 

ومن المعالجات المقترحة مكافحة المضاربة بإجراءات صارمة وذلك بتجميد حسابات المشتبه بهم في البنوك، ومنع استيراد الدولار خارج القنوات الرسمية، وإنشاء وحدة خاصة لمتابعة تحركات العملة بين المدن. كما يجب تفعيل آليات الرقابة والمحاسبة لملاحقة المضاربين. وإنشاء منصة خاصة لبيع وشراء العملات الأجنبية في محلات الصرافة عبر هذه المنصة لتلبية احتياجات السوق من العملات الاجنبية. 

 

 التحول الرقمي 

 

ويرى "الصبري" أن الشمول المالي والتحول الرقمي حجر الزاوية لأي إصلاح نقدي مستدام، وتعميم نظام الدفع عبر الهواتف المحمولة وتشجيع الحلول غير النقدية. من خلال توسيع شبكة الصرافات الآلية وتشجيع التحويلات الإلكترونية، إعفاء التحويلات الرقمية من الرسوم, و صرف المدفوعات الحكومية وتحصيل الإيرادات عبر الحسابات البنكية يقلل من التداول النقدي ويعزز الشفافية.

 

ويختتم الصبري حديثه بالتأكيد على أن  اليمن أمام خيارين لا ثالث لهما: أما الإصلاح الجذري عبر خطة متكاملة تجمع بين حزم صنعاء الرقابية وشفافية عدن.

 

أو الانهيار الكامل للعملة وتفكك الدولة، لافتا إلى أن الوقت ينفد بسرعة، والقرار الآن بين يدي البنك المركزي والجهات الفاعلة.  

 

توجيه الشارع نحو “التحالف” 

 

صحيفة "الايام" العدنية وفي تقرير لها دعت إلى الحكومة الشرعية إلى الاعتراف بفقدان القرار وتوجيه حركة الشارع نحو “التحالف العربي” ورأت في هذا أولى خطوات الإصلاح.

 

واعتبرت حديث رئيس الحكومة المعترف بها سالم بن بريك، للمتظاهرين إقرار واضح بأن الحكومة بلا موارد، وتعمل دون دعم فعلي من التحالف، واعتراف من الحكومة يكشف أنها تفتقر للقرار السياسي والموازنات التشغيلية، وتُقاد من الخارج في أدق تفاصيلها، بينما تنخرها الفوضى والفساد والتبعية.

 

واجهة شكلية بلا سلطات تنفيذية 

 

وجاء في تقرير الصحيفة : "تحولت “الشرعية” من كيان حاكم إلى واجهة شكلية، بلا سلطات تنفيذية حقيقية، وحتى المطالب الشعبية تجدها عاجزة عن تلبيتها، وكأن دورها محصور في تسجيل الحضور السياسي لا صنع القرار. مشيرة إلى أن  الوضع في عدن التي تتخذها الحكومة المعترف بها عاصمة لها ،  دليل على غياب السيادة الوطنية، فالقرار السياسي والأمني والاقتصادي مرهون بقوى التحالف، وتحديدًا السعودية والإمارات، وكلٌّ منهما يدير المشهد من زاويته الخاصة، فالإمارات تتحكم في المفاصل الأمنية عبر القوات المحسوبة عليها ، وتمسك بزمام الملف الجنوبي، أما السعودية فتسيطر على القرار السياسي والمالي للشرعية، وتمنح أو تحجب الدعم وفق حساباتها الخاصة.

 

كما ان النفوذ الغربي ممثلًا بواشنطن ولندن حاضرٌ عبر الضغط السياسي وتوجيه مسار العملية السياسية وفق أجندات لا تضع اليمن في أولوياتها، وهذا الواقع يجعل الشرعية ومسؤوليها أدوات تنفيذ، لا أطرافًا فاعلة، ويجعل المواطن اليمني رهينة لصراعات النفوذ بين الحلفاء.

 

"اليمن على حافة الهاوية.. والتحالف ليس بريئا!"

 

وطالبت "الصحيفة " الحكومة الشرعية لمواجهة أزمة المجاعة والانهيار الاقتصادي بالتحرر من التبعية، والخروج من دائرة الصمت، ومخاطبة التحالف "الامارات والسعودية" بشكل واضح: لا للمساس بمعيشة الناس، مع المطالبة بخطة عاجلة لمعالجة الاقتصاد وإجبار مسؤوليها على الإقامة في الداخل، ومنعهم من إدارة المشهد من الخارج. وكذلك إطلاق مشروع لمكافحة الفساد بإشراف دولي أو بخبرات أجنبية، لإعادة هيكلة المؤسسات وبناء إدارة مالية تتناسب مع قدرات الدولة ومواردها الفعلية.

 

تشكيل حكومة كفاءات وطنية بلا “محاصصة”، تكون قادرة على اتخاذ قرارات جريئة في الإصلاح والإدارة. ضبط تغول القيادات العسكرية والتوقف عن عسكرة الحياة السياسية ذلك أن عسكرة الحياة السياسية تسببت في تآكل مؤسسات الدولة وتغليب منطق القوة على منطق القانون.

 

إنهيار مركب 

 

وختمت الصحيفة تقريرها بوصف ما يحدث في عدن بأنه انهيار مركب لمفهوم الدولة، فلا حكومة قادرة على إدارة الاقتصاد، ولاشركاؤها قادرون على إدارة الشارع، ولا تحالف يعبأ فعليًا بالنتائج الكارثية على السكان، فالكهرباء منقطعة، والرواتب متوقفة، والخدمات منهارة، والناس يواجهون صيفًا لا يُطاق، وفي المقابل، لا توجد قيادة تمسك بالملف وتحاسب المسؤولين، بل هناك غياب متعمد، ومشهد عبثي لحكومة تصرخ مع المواطن بدل أن تحل أزماته.

 

صرخة وطن

 

في مشهدٍ يختزل مأساة شعب بكامله، لم يعد اليمنيون يخشون الموت، بل يخشون البقاء أحياءً في هذا الجحيم الاقتصادي. السؤال الذي يطرح نفسه بقوة: إلى متى سيظل العالم يتفرج على هذه الكارثة الإنسانية التي تُصنع بأيدٍ خارجية وتُدار بعجز داخلي؟