علي الصبيحي
علي الصبيحي

عدن المستقلة... لأنها الكلمة التي لا تموت

في البدء… لم يكن هناك سوى صوت..صوت يتلعثم أول الأمر لكنه ما لبث أن صدح في ليل ثقيل كصرخة وليد خرج من رحم وطن يتلوى على صفيح التاريخ...

وفي ليلة حالكة السواد … ولدت عدن المستقلة..

ليست قناة… بل أثر...

وليست شاشة… بل مرآة تريك نفسك كما هي بكل ما فيك من حنين وغضب من ذاكرة وعناد...

إنها ليست في عدن والجنوب بل فينا في القلب حيث تقيم فكرة الجنوب حين يختصر الوطن في وجع وتختزل الحرية في صوت.

 

قالوا: أخطأت!

قلنا: نعم قد تكون أخطأت في أوجه لكن كما يخطئ القلب حين يحب بعنف وكما تخوننا الدموع حين نحاول الصبر..

ومتى كان الخطأ جريمة؟

إن الذي لا يخطئ… لا يفعل شيئا على الإطلاق.

 

عدن المستقلة قناة لا تدعي النقاء لكنها تسعى للصدق...

تسير على درب مليء بالحفر وتكتب بالضوء على جدار من ظلال...

كل صورة فيها تشبهنا… نعم قد تكون ناقصة لكنها صادقة...

وكل تقرير فيها يشبه الحكاية… موجوع لكنه يروي الحقيقة.

 

وفي قلب هذا الصخب كان عبدالعزيز الشيخ لا كرئيس قطاع بل كحارس نار لا تنطفئ...

يشعل الكلمات كمن يشعل فتيل الثورة...

يربت على كتف الفريق كمن يقول لهم:

 "لسنا كاملين لكننا نحب هذه الأرض كفاية لنحاول كل يوم من جديد"

في كل خطوة له رسالة وفي كل صمت موقف...

وفي كل ظهور نبض يذكرنا أننا لسنا مجرد جنوبيين … بل شهود على زمن يكتب من أفواه من بقي منهم الصوت.

 

أيها الساخرون من الهفوة…

هل جربتم أن تبنوا شيئا بالكلمة؟

أن تحفروا مجرى للنور في جدار من الإسمنت الإعلامي البارد؟

أن تقولوا الحقيقة دون أن تباع ودون أن تبتذل ودون أن تقتل في مهدها؟

 

عدن المستقلة لم تكن أبدا نشرة تقرأ.. بل خشوع يرفع...

دعاء إعلامي بلغة الجنوب كلغة أم تتلو على ابنها أغنية النوم وهي تبكي من شدة الألم.

دعوا القناة تتنفس… دعوها تصحح لا تجلد.

فمن يجيد الحب لا يتقن الطعن.

ولتبق عدن المستقلة… لأنها لم تكن يوما مجرد وسيلة بل وسيلة نجاة.

ولأنها وإن تعبت لم تخن...

وإن أخفقت لم تتاجر...

وإن تعثرت نهضت وهي تردد:

"أنا الكلمة التي لا تموت… لأنني ولدت من الألم لا من الورق"