علي حمادة
علي حمادة

من سيحكم غزة بنهاية الحرب؟

تحدث رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يوم الاثنين الفائت عن مرحلة ما بعد حماس في قطاع غزة، فأشار الى ان إسرائيل هي التي قد تتولى لفترة من الزمن المسؤولية الأمنية في القطاع. ليلة امس نقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن مسؤولين أميركيين قولهم إن الإدارة الأميركية تعارض إعادة احتلال إسرائيل لقطاع غزة، بمعنى آخر تعارض واشنطن أن يتولى الإسرائيليون المسؤولية الأمنية في مرحلة ما بعد حماس. طبعا، تبنى هذه المواقف على تقديرات بأن الجيش الإسرائيلي سيتمكن من حسم الحرب لصالحه في قطاع غزة، بداية في الجزء الشمالي، ثم في الجزء الجنوبي. ولا تقتصر هذه المواقف او الاقتراحات على الاميركيين أو الإسرائيليين، بل إن الأوروبيين يعملون على بلورة تصورات لمرحلة ما بعد حماس في غزة. وقد اكدت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين في كلمة لها يوم الاثنين الماضي امام السفراء المعتمدين لدى الاتحاد الأوروبي أنه "يتعين التفكير في الغد لنتصور كيف يمكن ان يبدو السلام الدائم، لاستعادة الامل للفلسطينيين والإسرائيليين. فهم بحاجة الى منظور هو حل الدولتين". وأضافت ان "منظمة حماس لا تستطيع السيطرة على غزة او حكمها وينبغي أن تكون هناك سلطة وطنية فلسطينية واحدة فقط ودولة واحدة"، و"لا يمكن ان يكون هناك وجود أمني إسرائيلي طويل الأمد في غزة. غزة جزء أساسي من أي دولة فلسطينية مستقبلية". هذه عينة شديدة الاختصار لنمط التفكير في مرحلة ما بعد الحرب التي يتصرف الغرب بشأنها على أنها محسومة في نتائجها لجهة إنهاء حكم حماس لقطاع غزة. لكن ما لفتني هو موقف الكرملين يوم امس الثلثاء بلسان المتحدث باسم الرئاسة الروسية ديميتري بيسكوف قال فيه: "من المهم جداً أن تكون هناك هدن إنسانية خلال العملية الإسرائيلية في غزة"! بمعنى آخر أن موسكو أيضا تتصرف على قاعدة أن العملية العسكرية الإسرائيلية في غزة ستستمر، وان التركيز الان هو على هدن إنسانية لا على وقف الحرب، ولا وقف متوسط أو طويل الامد لإطلاق النار. فقط هدن إنسانية عادة ما تقتصر على وقف لإطلاق النار لبضع ساعات". إذا نحن نتحدث عن مسار حرب يتعامل المجتمع الدولي معه على أساس أن نتائجه محسومة سلفا. أي أن انهاء حكم حماس في قطاع غزة، وإخراجها كقوة عسكرية وسياسية من المعادلة من خلال شطبها في معقلها الرئيسي في غزة. أما وجود حماس العسكري في الضفة فيظل محصوراً، ومحدود الأثر. وأما وجودها في لبنان وسوريا فأيضاً محدود الفعالية لأنها إن فقدت قاعدتها في قطاع غزة ستضعف الى حد بعيد. لكن من دون أن يقترن ذلك بحتمية حلول السلطة الوطنية الفلسطينية الحالية مكانها في غزة، نظراً لمكامن الضعف البنيوية التي تعاني منها السلطة، بدءاً من ترهلها، وضعف قيادتها. في مطلق الأحوال من السابق لأوانه الجزم بنتائج الحرب الدائرة حالياً في شمال غزة. والسؤال المطروح، هل ستفرض إسرائيل سيطرتها في أمد قصير على الجزء الشمالي للقطاع؟ أم أن الحرب هناك ستطول الى حد لا يعود بالإمكان بناء تصورات مستقبلية لقطاع غزة تقوم على فرضية إنهاء سيطرة حركة حماس فيه. من هنا فإن المرحلة الحالية التي قد تمتد لاسبوعين مقبلين من الحرب في مدينة غزة بالتحديد هي التي سترسم معالم المستقبل.

*نقلا عن النهار