صحف..

سياسة بايدن مع روسيا: يد ممدودة للحوار وأخرى للعقوبات

عربي ودولي
قبل سنتين I الأخبار I عربي ودولي

 أعلن الرئيس الأميركي جو بايدن أنه على الرغم من العقوبات الجديدة التي فرضتها إدارته ضد روسيا، فإن الولايات المتحدة لا تسعى لتصعيد التوترات مع روسيا.

وبعد اليد الممدودة، انتقلت إدارة جو بايدن إلى الهجوم المضاد، ففرضت الخميس سلسلة عقوبات ماليّة قاسية على روسيا وطردت عشرة من دبلوماسييها، لكنّ الرئيس الأميركي قال إنّ "الوقت حان لخفض التصعيد".

وقال بايدن "الولايات المتحدة لا تتطلع إلى إطلاق حلقة من التصعيد والصراع مع روسيا"، مضيفا "نريد علاقة مستقرة ويمكن توقع مستقبلها".

وأكد أن العقوبات الجديدة كان من الممكن أن تكون أشد قسوة، "كان بإمكاننا الضغط أكثر من ذلك، لكنني اخترت عدم القيام بذلك. اخترت أن تكون العقوبات متناسبة".

ومنذ وصوله إلى البيت الأبيض أشار الرئيس الأميركي إلى أنّه يعدّ ردّه على سلسلة من الأعمال التي نُسبت إلى موسكو، بما في ذلك هجوم إلكتروني هائل والتدخّل في الانتخابات الأميركيّة العام الماضي. ووعد بأن يكون أكثر حزما من سلفه دونالد ترامب الذي اتُهم بمجاملة بوتين، فيما لم يتورع بايدن في وقت سابق عن وصف بوتين بأنّه قاتل. وجاءت الضربة حازمة الخميس.

وقال البيت الأبيض في بيان إنّ رئيس الولايات المتحدة وقّع مرسوما أتبعه بعقوبات فورية تتيح معاقبة روسيا مجددا بشكل يؤدّي إلى "عواقب استراتيجية واقتصادية.. إذا واصلت أو شجعت تصعيد أعمالها المزعزعة للاستقرار الدولي".

في إطار هذا المرسوم، منعت وزارة الخزانة الأميركية المصارف الأميركية من أن تشتري مباشرة سندات خزينة تصدرها روسيا بعد 14 يونيو المقبل.

وفرضت عقوبات أيضا على ست شركات تكنولوجيا روسية متهمة بدعم أنشطة القرصنة التي تقوم بها استخبارات موسكو.

يأتي ذلك ردا على هجوم معلوماتي كبير في 2020 حمّلت واشنطن رسميا روسيا المسؤولية عنه، استخدم كناقل أحد منتجات شركة البرمجيات الأميركية سولارويندز لزرع ثغرة أمنية في أجهزة مستخدميه، بما يشمل عدة هيئات فيدرالية أميركية، ومن ثم تتهم إدارة بايدن روسيا رسميا بأنها مسؤولة عن هذا الهجوم كما سبق أن ألمحت إلى ذلك.

ووصفت وكالة الاستخبارات الروسية الخميس اتّهامات واشنطن لموسكو بالضلوع في هجوم سيبراني استُخدمت خلاله شركة سولارويندز الأميركية في العام 2020، بأنها "ترهات لا فائدة ترتجى من قراءتها".

وقال مسؤول أميركي رفيع المستوى الخميس إن جزءا من الرد الأميركي سيبقى "غير معلن" من دون المزيد من التوضيح.

وفرضت الخزانة الأميركية عقوبات على 32 كيانا وفردا بتهمة محاولة "التأثير على الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة عام 2020" لحساب الحكومة الروسية، كما أضاف البيت الأبيض.

وبالتنسيق مع الاتحاد الأوروبي وكندا وبريطانيا وأستراليا، فرضت الحكومة الأميركية أيضا عقوبات على ثمانية أشخاص وكيانات "شريكة في احتلال شبه جزيرة القرم والقمع المستمر فيها".

وطردت الخارجية الأميركية عشرة مسؤولين يعملون في السفارة الروسية اتُهم بعضهم بأنهم أعضاء في أجهزة استخبارات موسكو.

وتهدف كل هذه العقوبات أيضا إلى تحميل السلطات الروسية "المسؤولية"، بعد اتهام روسيا بعرض مكافآت على طالبان لمهاجمة جنود أميركيين أو أجانب في أفغانستان.

وأوضح مسؤول أميركي أن نسبة تأكيد الاستخبارات الأميركية صحة هذه الاتهامات تراوحت بين "ضعيفة ومتوسطة".

وتضاف هذه العقوبات إلى سلسلة أولى من الإجراءات العقابية التي أعلن عنها في مارس، واستهدفت سبعة مسؤولين روس كبار، ردا على تسميم المعارض أليكسي نافالني وحبسه.

وتعد الخطوة الأميركية من أقسى الإجراءات ضد روسيا منذ طرد العديد من الدبلوماسيين في نهاية ولاية باراك أوباما.

ولم يتأخر الرد الروسي كثيرا، إذ اعتبرت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا أن "مثل هذا السلوك العدواني سيواجه برد قوي".

وقالت زاخاروفا إن "الولايات المتحدة ليست مستعدة لقبول الحقيقة الموضوعية بأن هناك عالما متعدد الأقطاب يستبعد الهيمنة الأميركية، وتعتمد على ضغط العقوبات والتدخل في شؤوننا الداخلية".

وأضافت "لقد حذرنا الولايات المتحدة مرارا وتكرارا من عواقب خطواتها العدائية التي تزيد بشكل خطر من درجة المواجهة بين بلدينا... الرد على العقوبات أمر لا مفر منه".

وأعلنت موسكو أنها استدعت السفير الأميركي جون سوليفان، لكن الأخير أكد أنه هو من طلب اللقاء الذي قال إنه "اتّسم بالمهنية والاحترام".

وحذرت روسيا سابقا من أن تبني عقوبات جديدة "لن يكون في صالح" تنظيم قمة بين بايدن وبوتين، من المفترض أن تسجل أولى خطوات إصلاح العلاقات المتضررة بين الخصمين الجيوسياسيين.

ويبدو أن الكرملين يشعر بخيبة أمل بعد أن أعرب عن ارتياحه لإمكانية عقد مثل هذه القمة، التي اقترح بايدن عقدها في "دولة ثالثة" و"في الأشهر المقبلة".

جاء العرض خلال محادثة هاتفية هذا الأسبوع بين الزعيمين، أرفقت أيضا بتحذير أميركي بعد نشر قوات روسية على الحدود الأوكرانية.

وبعد إعلانه فرض عقوبات مالية وطرد عشرة دبلوماسيين روس، أكد بايدن مجددا عرضه عقد قمة مع الرئيس الروسي "هذا الصيف في أوروبا"، بهدف "بدء حوار استراتيجي حول الاستقرار"، وخصوصا حول الأمن ونزع السلاح. ولقيت العقوبات عموما ترحيب الطبقة السياسية الأميركية.

وأشاد السيناتور الديمقراطي بوب ميننديز بـ"مقاربة حازمة"، قال إنها "تطوي صفحة أربع سنوات صارمة من انبطاح دونالد ترامب أمام بوتين".

ويتوقع أن يكون للإجراء المتصل بالديون تأثير محدود على روسيا لأن ديونها محدودة واحتياطاتها تتجاوز 180 مليار دولار، بفضل صادراتها الهيدروكربونية، لكن قد يشكل ذلك ضغطا مؤلما على الروبل الذي سجل تراجعا الخميس، ويواجه صعوبات منذ العقوبات الأولى في عام 2014.

وقال الخبير الاقتصادي سيرجي خستانوف "إنها عاصفة في فنجان. منذ أكثر من عشر سنوات قامت سياسة السلطات النقدية الروسية على هدف إبقاء عجز الميزانية عند مستوى منخفض"، ما يؤكد أن موسكو مستعدة للأمر "منذ فترة طويلة".