خبراء اقتصاديون يرسمون صورة قاتمة للاقتصاد الأردني

اقتصاد
قبل 3 سنوات I الأخبار I اقتصاد

 أكد اقتصاديون أن الوصول إلى مرحلة التعافي الاقتصادي المنشود يتطلب خططاً قصيرة وطويلة المدى تتجاوز الحكومات لمعالجة الأزمات واستعادة نسق النمو والتي تمر أساسا عبر تنفيذ إصلاحات ضريبية وجمركية وتغيير التشريعات والقوانين لتسهيل التعافي.

ويعيش الأردن أزمة اقتصادية مزمنة زاد في حدتها انتشار جائحة كورونا، ويرى محللون أن مواصلة الأردن في تغيير الحكومات لا يعالج إشكاليات الاقتصاد حيث يحتاج دفع النمو إلى إجراءات موجعة.

وشهد الأردن على مدار الأعوام الأخيرة تغييرات متواصلة للحكومات حيث تم تشكيل حكومة هاني الملقي ثم الإطاحة بها عقب حراك شعبي خلال العام 2018، تلتها حكومة عمر الرزار التي حلت بمقتضى دستوري في علاقة بإجراء الانتخابات في أكتوبر العام الماضي ثم حكومة بشر الخصاونة.

ونسبت وكالة الأنباء اللأردنية الرسمية (بترا) لخبراء قولهم إن “تنفيذ الخطط يبدأ بضخ السيولة الكافية في الاقتصاد، وتحفيز الاستهلاك، وتشجيع الاستثمار، ودعم الشركات الصغيرة والمتوسطة، وإجراء إصلاحات ضريبيّة وجمركيّة، وتعديل أو سنّ كل ما يلزم من التشريعات والقوانين والأنظمة للوصول إلى مرحلة التعافي”.

وتعاني المملكة من صعوبات اقتصادية جمة منذ سنوات أثرت على نسب النمو وزادت من معدلات البطالة لاسيما مع تفشي فايروس كورونا، ما يتطلب حسب محللين وصفة تضمن البقاء على استمرارية الوظائف واستدامة المشروعات الصغيرة والمتوسطة بوصفها العمود الرئيس لخيمة الاقتصاد.

ويتوقع الأردن ارتفاع الدين العام إلى 38 مليار دولار أي ما يمثل 88.3 في المئة من الناتج المحلي. ومن المتوقع أيضا أن ينكمش اقتصاد البلاد بما يزيد عن 5.5 في المئة العام الجاري، وهو أسوأ انكماش في عقدين. وقبل أن تضرب الجائحة أفادت تقديرات صندوق النقد الدولي بأن اقتصاد الأردن سينمو 2 في المئة.

وبين التقرير أن إجمالي الدين العام للمملكة سجل العام الماضي 47.5 مليار دولار، متوقعا أن يتخطى 50 مليار دولار العام الحالي.

وكانت الحكومة تقدمت ببرامج للتخفيف من حدة تأثير تبعات الجائحة على القطاع الخاص والمواطن الذي بات يرى أن تحسين الوضع المعيشي لن يتحقق في ظل غياب إستراتيجية اقتصادية واضحة.

وأطلق المجلس الاقتصادي والاجتماعي أخيرا خطة للتعافي الاقتصادي من آثار الجائحة شملت الدعم الفوري لقطاعات العمال والاقتصاد والدعم التكميلي لمختلف القطاعات، وتمكين الاقتصاد من التعافي السريع.

وشملت الخطة كذلك توفير دعم متكامل للقطاعات الحيوية ومسارات النمو الاقتصادي المستدام لتحقيق التكامل بين جميع القطاعات والوصول إلى التعافي الاقتصادي البنيوي، ما يساعد على تمكين الاقتصاد وتطوير القطاعات ذات الأولوية للتعامل مع آثار جائحة كورونا.

وأكد رئيس غرفة تجارة عمّان خليل الحاج توفيق “غياب القرارات والحزم الاقتصادية الفاعلة، أو أن ما يعلن عنه لا يتواءم ومستوى الضرر الذي ترزح تحته القطاعات التجارية والخدمية”.

وقال إنّ “أولى خطوات التعافي الاقتصادي، هي تشكيل مجلس اقتصادي طارئ يضمّ أصحاب الخبرة من جميع القطاعات، ويخرج بوصفة اقتصادية تشخّص مشاكل كل قطاع وتحدد حجم الضرر والعلاج المناسب ومدة العلاج وتكلفته”.

ويجمع خبراء على ضرورة تشكيل لجنة قطاعية مشتركة بين الحكومة والقطاع الخاص لوضع خطط عاجلة بقرارات جريئة واستثنائية كإنشاء صندوق لتعويض القطاعات المتضررة، ولاسيما السياحة والخدمات، وضخّ سيولة لا تقل عن ملياري دينار في السوق المحلية موزعة بين المواطنين والقطاع الخاص بفائدة قريبة من الصفر وشروط بسيطة.

وبيّن أن الحفاظ على الوظائف القائمة وحل مشكلة البطالة هي أولويات أساسية، ويجب دعم منشآت القطاع الخاص للحيلولة دون زيادة نسبتها، داعياً إلى تفعيل الشراكة بين القطاعين العام والخاص.

وطالب بتخفيض الرسوم الجمركية وتوحيدها في نسبة 5 في المئة كحد أعلى، ما يسهم بزيادة إيرادات الخزينة والحدّ من التهريب ورفع القدرة الشرائية للمواطن بتخفيض الأسعار والتكاليف، لافتاً إلى أن هذه الإجراءات من شأنها التخفيف على القطاعات من حيث التكاليف والحاجة للاقتراض.

ودعا الحاج توفيق الذي يرأس كذلك النقابة العامة لتجار المواد الغذائية إلى أمر دفاع جديد يعفي المستأجرين عن فترة التعطل، وينظّم العلاقة مع المالك من خلال حوافز تعوّضه عن الخسائر.

وقال الخبير الاقتصادي جواد عناني إن “أول الحلول التي يجب اتّباعها هو احتواء الجائحة الصحية، ما يمكّن من إعادة الحياة إلى طبيعتها، إضافة إلى وضع خطة للعامين المقبلين تستوعب آثار الجائحة المباشرة، وتوقف تراجع الأرقام الإحصائية الأساسية، كالنمو الذي يجب أن يعود إلى النسب الموجبة، والبطالة العالية التي زادت بنحو 6 نقاط مئوية عما كانت عليه قبل الجائحة، والعجز في الميزانية الذي ازداد بنحو 5 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي”.

وشدّد على ضرورة وضع خطة طوارئ بموجبها تنشط الأسواق، وحل مشاكل الشركات المتعثرة، وتنشيط السياحة كإجراءات عاجلة، مطالبا بإعادة النظر بأية أنظمة وقوانين من شأنها تسهيل وتشجيع وتسريع إجراءات الاستثمار الذي يواجه تحديات تشريعيّة ومادية، كتكاليف الطاقة المرتفعة التي تعد معوقاً اقتصادياً رئيسا أمام مختلف القطاعات.

ودعا إلى تشجيع المواطنين على الاستثمار في أسواق الأسهم وتخفيف الضرائب الإضافية عليها، وإحياء سوق العقار تدريجياً منعاً لتعسّر المقترضين من البنوك بإنشاء صندوق للحفاظ على أسعار العقارات يعيد شراء العقارات كلما انخفضت أسعارها حتى لا ينهار هذا القطاع، وإنشاء مشروعات كبرى من خلال استغلال الموارد الطبيعية الموجودة في الأردن.

وقدرت عمان إنفاقا حكوميا للعام الجاري بقيمة 9.93 مليار دينار (14 مليار دولار)، مقارنة مع 9.36 مليار دينار (13.19 مليار دولار) معاد تقديرها عن 2020 في محاولة لتمهيد الطريق لانتعاش النمو إلى 2.5 في المئة العام الجاري، بعد أن تسببت جائحة فايروس كورونا في أسوأ انكماش منذ عقود.

وتبلغ قيمة الإيرادات المتوقعة بحسب مشروع الموازنة الجديدة 7.8 مليار دينار (11.1 مليار دولار)، مقارنة مع 7.2 مليار دينار (10.1 مليار دولار) معاد تقديرها عن 2020.

ويحذر خبراء اقتصاديون من استمرار ارتفاع نسب البطالة في الأردن خلال العام 2021 نتيجة تضرّر العديد من القطاعات، وما يمكن أن يخلفه ذلك من استياء اجتماعي قد يدفع إلى ردود فعل غاضبة.

وتظهر الإحصاءات الرسمية ارتفاع معدل البطالة في الأردن إلى 23.9 في المئة في الربع الثالث من العام 2020، فيما بلغت نسبة البطالة بين حملة الشهادات الجامعية (الأفراد المتعطلين ممن يحملون مؤهل بكالوريوس فأعلى) نحو 27.7 في المئة.

وكانت مؤسسة موديز العالمية للتصنيف الائتماني قالت إن “فايروس كورونا قد تسبب في زيادة الدين العام، وساهم في زيادة نسبة البطالة والنمو الضعيف”.