نشر الكاتب الصحفي نزار الخالد، رئيس تحرير صحيفة وموقع "المنتصف"، مقالًا ناريًا هاجم فيه الحكومةَ الشرعيةَ اليمنية، متهمًا إياها بتحويل الحرب المستمرة في البلاد إلى مشروع استثماري شخصي يدرُّ الأرباح على نخبة حاكمة، بينما يدفع الشعب اليمني الثمنَ من دمه وفقره وتشرده.
وفي مقاله الذي نُشره بموقعه وصف الخالد القيادةَ الشرعيةَ بأنها لم تعد تمثل مشروعًا وطنيًا لاستعادة الدولة، بل تحوَّلت إلى طبقة مالية تبحث عن تراكم الثروة، معتبرًا أن المناصبَ الحكوميةَ لم تعد وسيلةً لخدمة المواطنين، بل أصبحت بواباتٍ للاستثمار والنفوذ وعقد الصفقات.
وأشار إلى أن العديد من القيادات التي وصلت إلى السلطة "بمحض الصدفة ودون كفاءة" انغمست في بناء شبكات مصالح اقتصادية، بدلًا من التوجه لتحرير صنعاء، مؤكدًا أن المالَ أعمى بصيرتها، وأن الحربَ باتت بالنسبة لها "موردًا دائمًا" لا ترغب في انتهائه.
وسلط الخالد الضوءَ على التدهور الحاد في الخدمات والمرتبات والبنية التحتية خلال السنوات الماضية، والذي تزامن مع تضخم مصالح اقتصادية خاصة لمسؤولين في قطاعات حيوية مثل الطاقة والموانئ والاتصالات والمصارف. وأوضح أن الأموالَ الدوليةَ والمساعداتِ التي كان يفترض أن تُوجَّه لتحسين الوضع الإنساني والخدمات الأساسية، تحوَّلت إلى أدوات لتعزيز النفوذ الشخصي.
وأكد الكاتب أن الدعمَ الدوليَّ والودائعَ والمنحَ المخصصةَ لدعم الشرعية تحوَّلت إلى "جيوب خاصة"، بدلًا من أن تُصرَف على الرواتب والمشاريع العامة، مشيرًا إلى وجود تضارب مصالح يجعل من استمرار الحرب خيارًا أكثر ربحًا للنخبة الحاكمة من تحقيق السلام.
واتهم بعضَ القيادات بامتلاك حصص في شركات كهرباء ووقود تستفيد من الاعتمادات الحكومية والدعم الخارجي، معتبرًا أن قطاعَ الطاقة أصبح نموذجًا صارخًا لتداخل النفوذ السياسي مع الاستثمار الشخصي، في وقت يعاني فيه المواطن من انقطاع الكهرباء وأزمات الوقود المتكررة.
كما كشف الخالد أن الموانئَ والمطاراتِ لم تسلم من هذا النفوذ، حيث توجد شركات تشغيلية واستثمارية مرتبطة بقيادات في الشرعية تستحوذ على إيرادات ضخمة من عمليات الاستيراد والتصدير، تُحوَّل إلى حسابات لا تخضع لأي رقابة قانونية.
وأضاف أن بعضَ المسؤولين يشاركون في مؤسسات مصرفية تستفيد من تحويل الاعتمادات الخارجية إلى مشاريع تجارية خاصة.
ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، إذ أشار الكاتب إلى أن قطاعي الاتصالات والتجارة الخارجية يشهدان شراكات خفية تربط مسؤولين كبارًا بشركات خاصة مرتبطة بعقود حكومية، ما يسمح بتحويل الموارد العامة إلى أرباح شخصية.
ويرى الخالد أن استمرارَ الحرب أصبح مصلحة اقتصادية خالصة للنخبة الحاكمة داخل الشرعية، مؤكدًا أن أي خطوات نحو السلام تُقابَل بالعرقلة لأن انتهاء الحرب يعني توقف الامتيازات والأرباح.
وربط جمودَ الجبهات وتعثُّرَ المسار السياسي بحسابات مالية، أكثر من كونها ظروفًا عسكرية أو سياسية، معتبرًا أن هذا الجمود يخدم مصالح من باتوا يعتمدون على الحرب كمصدر للثروة.
وفي ختام مقاله، أطلق الخالد تحذيرًا شديد اللهجة، مؤكدًا أن اليمنيين اليوم يواجهون معضلة مركبة: الحوثي من جهة يمارس الجباية بالقوة، والشرعية من جهة أخرى تمارس - وفق وصفه - نهبًا مقنَّعًا تحت غطاء السلطة والدعم الدولي. وشدد على أن أي دعم غير مشروط للحكومة الشرعية سيعزز شبكة الفساد ويمدد معاناة الناس، معتبرًا أن تحرير اليمن وإعادة بنائه لن يكونا ممكنين إلا بعد تفكيك منظومة الفساد التي ارتبطت بالحرب، ومحاسبة كل من حوَّل منصبه إلى مشروع استثماري شخصي.






