أقلام حرة
أقلام حرة

فحص بسيط ينقذ حياة كاملة

كتب/د.عارف محمد الحوشبي

في الثامن من مايو من كل عام يحيي العالم اليوم العالمي للثلاسيميا وهي مناسبة صحية وإنسانية تهدف إلى تسليط الضوء على أحد أخطر الأمراض الوراثية المزمنة التي تصيب الأطفال منذ ولادتهم وتلازمهم مدى الحياة، متسببةً في معاناة يومية لهم ولأسرهم على الصعيدين الصحي والنفسي.

 

الثلاسيميا ليس مجرد مرض بل مأساة إنسانية تبدأ منذ الطفولة، إذ يحتاج المصابون إلى نقل دم دوري، ورعاية طبية مستمرة وعلاج مكلف يثقل كاهل الأسر خصوصًا في ظل وضع صعب تمر به اليمن. والمُحزن أن هذه المعاناة كان يمكن تفاديها في كثير من الحالات من خلال فحص طبي بسيط يُجرى قبل الزواج.

 

واستشعارًا بخطورة هذا المرض، أصدرت وزارة الصحة العامة والسكان في اليمن، ممثلةً بمعالي الوزير أ. د. قاسم محمد بحيبح تعميمًا وزاريًا في أغسطس 2022 يُلزم بإجراء الفحوصات الطبية السابقة للزواج بما في ذلك فحص الثلاسيميا وفقر الدم المنجلي في خطوة وقائية شجاعة تهدف إلى كسر حلقة انتقال الأمراض الوراثية.

 

تمثل هذه المبادرة بارقة أمل لآلاف الأسر ولكنها بحاجة إلى تكاتف واسع من الجهات الحكومية وفي مقدمتها السلطة التشريعية لسنّ قوانين تُلزم بإجراء هذه الفحوصات كما هو معمول به في العديد من دول العالم، كما تتطلب دعم السلطات المحلية والمنظمات الدولية والمحلية لترجمتها إلى واقع فعّال يقي الأجيال القادمة من معاناة كان بالإمكان تجنبها.

 

إن دعم وزارة الصحة في هذا المسار مسؤولية وطنية وإنسانية تستوجب من الجميع وزارات ومنظمات مجتمع مدني وإعلام وقطاع خاص للوقوف صفاً واحداً لجعل الوقاية من الثلاسيميا أولوية ضمن الخطط الصحية والتمويلية.

 

كما أن التوعية الصحية تمثل حجر الزاوية في هذه المعركة فكل حملة توعوية قد تنقذ أسرة من معاناة طويلة وكل صوت إعلامي مسؤول يمكن أن يُحدث فرقًا في حياة طفل لم يولد بعد. ومن هذا المنطلق ندعو المؤسسات التعليمية والإعلاميين والجهات التربوية إلى تعزيز الرسائل الصحية المتعلقة بأهمية الفحص قبل الزواج وخطورة تجاهله.

 

وفي هذا اليوم العالمي، لنجعل من صوت المصابين بالثلاسيميا صدى يسمعه الجميع ولنعمل جميعاً على أن نمنحهم مستقبلاً أكثر أملاً وخالياً من الألم عبر جهود وقائية وعلاجية متكاملة تضع الإنسان وكرامته في صدارة الأولويات.

 

*✍????د. عارف محمد الحوشبي*

*مدير عام المركز الوطني للتثقيف والإعلام الصحي والسكاني*