محمد بن زايد الكلدي
محمد بن زايد الكلدي

افرازات الثورة والتغيير على مستوى اليمن

ما إن تحل علينا أي مناسبة وطنية سواء في الشمال أو في الجنوب، نجد الجدل يحتدم حولها، بين التشكيك بهذه الثورة وبين التكذيب بها وبين اتهامها بالفشل تارة اخرى، الشيء الذي لا يتطرق له الكثير هو موطن النجاح ولو كان نسبيا، وإعطاء الثورة ورموزها وجمهورها حقها دون بخسها، لإن الذين كانوا في تلك المرحلة رجال صادقين مخلصين،  قدموا في سبيل المبادىء والأفكار والأهداف التي يؤمنون بها الغالي والثمين، تقييم وتصحيح أي مرحلة يجب أن تستند على حقائق ووقائع نستفيد منها ونصحح مسارها مستقبلا، ونحتاج إلى موضوعية وتجرد من أي تأثيرات خارجية والنظر إليها من جميع الجوانب.

 اعتقد ثورة سبتمبر وأكتوبر كانتا محل إجماع يمني إلى وقت قريب، وهما ثورتان خرجتا في ظل ظروف قاهرة ومعقدة، استطاع الثوار في تلك المرحلة من رسم أهداف واضحة وصريحة لا تحتاج إلى التأويل أو المواربة، فهما ثورتان كانتا امتداد لثورات عربية اجتاحت عالمنا العربي الكبير، فإذا قللنا من نضالات شعبنا في تلك المرحلة،  فيجب التشكيك في جميع الثورات العربية الأخرى، لأنها خرجت من مشكاة واحدة مع اختلاف بسيط في طبيعة البيئة الإجتماعية والبعد الديني، ونسبة الوعي من دولة إلى أخرى. 

الخطأ الذي وقع فيه الكثير هو عدم التفريق بين الثورة وأهدافها ورجالها الأولون الصادقون، وبين من جاء من بعدهم وكيف حرفوها عن مسارها وطريقها، وهذا هو النقص والعوار الذي تنسب لتلك الثورات، وكذلك الأوضاع المعيشية والحياتية المعقدة التي وصل لها الشعب في اليمن، فالبعض يحمل الثورة تبعات ذلك، لأنها لم تحقق ما كان يصبو ويسعى لأجله شعبنا ويتطلع إليه.

افرازات ما بعد الثورة ومن ركب الموجة شمالا وجنوبا،  ما زلنا ندفع تبعاتها وضريبتها إلى يومنا هذا.  ولما وصلت أهداف هذه الثورة إلى نفق مظلم ماذا كانت النتيجة؟ حرب أهلية أو حرب جهوية سمها ما شئت،  وكل ذلك يعود إلى فشل النخب والقيادات التي استلمت البلاد شمالا وجنوبا لم تحقق شيء لهذا الشعب، ولو أبسط حقوقه من تعليم ومن صحة ومن أمن، ولم تحافظ على حياض الوطن وتحمي حدوده البحرية والبرية،  وتحافظ على ثروته وتحاسب الفاسدين وسراق الأوطان، فكانت النتيجة الحتمية هو سقوط البلاد في يد خصومها الإقليميين والدوليين. 

الثورات الأولى تحتاج إلى إعادة إنتاجها بوسائل جديدة، أكثر ملائمة مع الواقع الجديد، بعيدا عن رومانسية المبالغين وجحود المخالفين لهم، لان الطرفين تحركهم الأبعاد الأيديولوجية والفكرية، ولا ينطلقون من باب الحرص على ثوابة الوطن ومصالح المواطن.   ____ محمد بن زايد الكلدي