عبدالرب السلامي
عبدالرب السلامي

قصة طالبان وأمريكا

جماعة فتية، بقيادة واحدة، عقيدتها القتالية عالية، وحاضنتها الاجتماعية متينة، وفر لها الغزو بهمجيته قضية تحرير عادلة خدمتها في حشد الشعب حولها، في مقابل حكومة عميلة هزيلة، ينخر في أركانها الفساد، ويفت في عضدها الانقسام، وأغلب قادتها تجار حروب، صنعها تحالف دولي بقيادة أمريكا لم يهمه استقرار افغانستان ولا استعادة دولتها، بقدر ما يهمه تحقيق مصالحه في قطع طريق الحرير الصيني والتمدد الروسي. 

 

كل هذه العوامل استفادت منها حركة طالبان فتمكنت من الصمود عشرين سنة في وجه القصف الجوي والزحف البري والحصار الاقتصادي والمقاطعة السياسية والتصنيف بالإرهاب، ثم في نهاية المطاف تعود أمريكا "العظمى" قائدة التحالف الدولي للتفاوض مع طالبان "الإرهابية"، في مشهد يثير استغراب العالم!.

 

هدف أمريكا الأول هو الخروج من مستنقع أفغانستان الاستنزافي بمفاوضات سياسية تضمن لها حماية أمنها القومي وتعيد ترتيب تحالفات المنطقة باتجاه الخطر الصيني، فإذا ضمنت أمريكا أن لا تكون أفغانستان ممرا لعبور التنين الصيني أو الدب الروسي أو مركزا لانطلاق عمليات تضرب مصالحها في العالم، لا يهم بعد ذلك أن تدخل تلك الدولة الحبيسة تحت حكم طالبان أو في تسوية سياسية أو حرب أهلية جديدة.

 

بالمقابل هدف طالبان هو العودة لحكم أفغانستان وخروج القوات الأجنبية من أراضيها، ولم تعد مستعدة -في جيلها الجديد، وبحكم الخبرة والتجربة المرة- أن تظل خارج المنظومة الدولية، هذا السيناريو هو الأرجح، ومع ذلك لايزال شبح الحرب الأهلية وسيناريو التسعينات وارادا.

 

هذه قصة طالبان وأمريكا إلى الآن، ولا تزال الأيام القادمة حبلى بالجديد.